في العام ٢٠١٣ أصابني ذلك المرض الغريب العجيب الذي غير مجرى حياتي بأكملها . لم يجدوا له كثير من الأطباء تفسير أو تشخيص سوى أنه إعتلال والتهاب شديد يصيب الأعصاب الطرفية في الجسم ، أشبه ما يكون بمرض التصلب اللويحي أو كما يسميه البعض التصلب المتعدد ، إذ لم يكن يختلف عنه كثيراً ولكن لم تظهر أي علامات في المخ أو الحبل الشوكي تؤكد ذلك
فقد أخذني إلى عالم آخر من الوجع وأرهقني كثيراً ولكن
لم أفقد الأمل أبدا ولم أستسلم للمرض ، بالرغم من قوة النوبات والهجمات التي كانت تنتابني بين فترة وأخرى ،
فالإنسان بطبيعته يكره المحن والخطوب
ويتبرم من الشدائد والملمات ، ولولا الأمل لما بقينا أقوياء . الإنسان الذي بلا أمل .. ميت بين الأحياء فكن على قيد الأمل حتى تكون على قيد الحياة
أعلل النفس بالآمال أرقبها .. ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل .استمرت تلك الأزمة لسنوات عشت الحجر المنزلي أياماً إذ كنت أسابق الزمن لأنهي جزءاً كبيراً من أعمالي اليومية قبل حلول تلك الهجمة التي تجعلني عاجزاً حتى عن الوقوف . لحظات مررت بها أشبه بحظر التجوال إذ لا بد أن أنهي أعمالي قبل أن يشتد الحر اتقاءاً لحدوث أي مضاعفات جانبية .
احتطت كثيراً وطرقت كل الأسباب التي تخطر على البشر و أولها الدعاء . عودت نفسي أن أصوم عن الأكل لفترات طويلة واخترت أكلي بعناية تامة . ابتعدت عن مخالطة الكثيرين . بسبب الإعياء الشديد الذي ينتابني بين فترة وأخرى . وبسبب تلك الجرعات المقيتة من الكيرتوزون التي تخفض مناعتي إلى مستويات متدنية . مارست الرياضة و تصالحت مع ذاتي ومع الكثير من أمور حياتي الجديدة
أحببت قراءة الكتب حتى أصبحت مغرماً بها ، إذ لا يكاد يمر يوما دون أن أستنشق رائحة أوراقها . حتى لو لم اقرأ حرفاً واحداً .
والأهم من ذلك أني أغلقت كل باب يمكن أن يتسلل من
خلاله اليأس أو اولئك المحبطين المتذمرين الذين ليس لهم هم
سوى بث الرعب في قلوب الآخرين . ولا يرون في الحياة شيئاً جميلاً ، يمكن أن يتمسك بها لأجله .
قررت بجدية أن أهرب من كل شيء يضعف همتي ، ولملمت شتات فكري المنهك
ووثقت بوعد الله للصابرين وعظيم أجرهم وبت لا أرى تلك الليالي القاسية إلا طيف مر وسيمر ولن يخيب الله عبداً ظن بربه خيرا
وأدركت جيدًا أن ماعجز عنه البشر لا يعجز عنه رب البشر ، فكل ابتلاء من الله رحمة وخير ونقلة فريدة من نوعها . المرض يأتي ليبث لنا الطمأنينة ويؤكد لنا أننا على طريق الأنبياء في الصبر والبلاء ..
.
.
.
.
.
جابر العبدالله
@Jabiralabdullah
٢٧ / ٣ / ٢٠٢٠