الاحتلال الإسرائيلي يُطلق الشرارة الأولى للحرب الدينية .
هناك من الأسئلة ا الكثير لتي طُرحت مؤخرًا بدون إجابات واضحة حول ماهمية الحرب على قطاع غزة، وفي فلسطين بشكل عام، هل هي حرب دينية، أم هي مجرد صراع على الأرض، أو بمعنى آخر صراع من أجل سرقة المزيد من الأرض العربية، ولعل تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة المستمدة من التوراة هي من أعادت هذه الأسئلة إلى الأذهان بقوة، حيث قال في خطابه لجنود جيش الإحتلال، مستشهدا بالتوراة : "عليكم بتذكر ما فعله العماليق بالإسرائيليين، نحن نتذكر، ونحن نقاتل".
وعند البحث في التوراة عن هذا السفر، لنعرف ماذا يقصد رئيس دولة الإحتلال مما ذكره، نجد في هذا السفر آية تقول: "الآن اضربوا العماليق، دمروا تماماً كل ما يملكون لا تفلتوهم، اقتلوا الرجال والنساء، الرضع والمرضعات، العجول والخراف، الجمال والحمير" أي أن "نتنياهو" يستشهد بنصوص دينية مستمدة من التوراة، لكي يعطي حافزًا لجنود دولة الإحتلال على المزيد من القتل ضد كل شيء في فلسطين الأخضر واليابس، الرجال والنساء والرضع وحتى الحيوانات، والمفاجأة عندما نبحث عن العماليق نجد أن هناك إجماعًا من المؤرخين بأن المقصود بهم ذرية عمليق بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح" -عليه السلام-، وأنهم من أقدم سكان الجزيرة العربية، أي أن الحرب على فلسطين ما هي إلا حرب مرحلية لإبتداء حرب جديدة مع باقي الدول العربية، خاصة شبه الجزيرة العربية في محاولة لإنشاء دولة إسرائيل الكبرى التي تتكون اليوم من الأراضي الفلسطينية المحتلة (إسرائيل) ولبنان سوريا الأردن والعراق بالإضافة إلى دول الخليج واليمن.
إن الحرب الدينية على فلسطين أو على المسلمين لم ترتبط فقط بتصريحات رئيس وزراء دولة الإحتلال، ولكنها مرتبطة بالولايات المتحدة، وهو ما يعني وجود تحالف أمريكي من أجل شن حربًا دينية، ولعل هذا ما يفسر فكرة الدعم الامريكي اللامحدود لدولة الإحتلال، وهذا الكلام ليس تضخيمًا أو تهويلاً لما يحدث في قطاع غزة ، ولكنه أمر ثابت من خلال الكثير من التصريحات الغربية والأمريكية بالتحديد، وما يدلل على ذلك قول رئيس مجلس النواب الامريكي مايك جونسون منذ أيام : "كمسيحي أعلم وأؤمن بأن الكتاب المقدس يعلمنا بوضوح، أن الله يبارك الأمة التي تقف مع إسرائيل".
تصريحات رئيس مجلس النواب الامريكي الداعمة لدولة الإحتلال بقوة، لم تكن زلة لسان مثلما يدعي البعض، خاصة وأن هذا التصريح لم يكن الوحيد للمسؤولين الأمريكيين ، فالسيناتور الأمريكي الجمهوري ليدسني غراهم علق على الحرب على قطاع غزة قائلاً : "نحن في حرب دينية، وعلى دولة الإحتلال تسوية المباني بالأرض في قطاع غزة"، ولا تتوانى الولايات المتحدة عن الدعم اللا محدود لدولة الإحتلال فيما يسمى الحرب ضد الإرهاب الفلسطيني، ويظهر هذا الدعم في أبهى صورة في كلام الرئيس الأمريكي جوزن بادين: "لو لم تكن إسرائيل موجودة لأوجدناها"، وفي الأسابيع التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 على نيويورك وواشنطن تسبب تصريح جورج بوش في ثورة عارمة حين قال للصحفيين "هذه الحملة الصليبية...هذه الحرب على الإرهاب ستستغرق فترة من الوقت."، وإذا عُدنا للماضي قليلاً نجد نبرة الغرب ضد الإسلام موجودة وبقوة، وهذا واضح عندما طالبت مارغريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا الراحلة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، بالحفاظ على حلف الأطلنطي "الناتو" لمواجهة الخطر الإسلامي، ووصف الرئيس الأميركي الأسبق نيكسون المسلم بالغير المتحضر والدموي في كتابه "الفرصة السانحة"، ما سبق ذكره ينفي كل المهاترات الغربية والأمريكية (وكذب وتمثيل الإبراهيمية والتطبيع مع الكيان الصهيوني).
واخيرًا وليس آخرًا، فإن الأمر جدا خطير على كافة المستويات، وفي حاجة لمناقشة عاجلة من الدول العربية والإسلامية، ليس فقط من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة، من خلال استخدام كافة الأدوات السياسية والإقتصادية والمساعدات على أقل تقدير، ولكن من خلال دعوة الدول العربية والإسلامية لمناقشة التصريحات الغربية حول الحرب الدينية على المنطقة، ووضع مخطط استراتيجي لمواجهة هذا المخطط الصهيوني الذي يسعى لتدمير المنطقة، وهذا أضعف الإيمان.
الكاتب أ.د/
محمد احمد بصنوي