الكاتب / جعفر الشايب
٢١-٨-٢٠١٨م
الكثير منا لا يلتفت إلى الأبعاد المختلفة للحج إما بسبب الانشغال بالأعمال بالنسبة للحجاج أنفسهم أو بسبب تكرار المشاهد واعتبارها أمرا معتادا بالنسبة للبقية. لكن الوضع يكون مختلفا بالنسبة للمراقب القادم لتغطية هذه المناسك ونظرته الشاملة للخدمات المقدمة لهذه الحشود المليونية ولأنماط سلوك الحجاج ولإدارة الحج بشكل عام.
التقرير الذي أعده مراسلوا شبكة سي ان ان العالمية حول الحج، أبرز العديد من الجوانب التي لا نلتفت إليها عادة وبالخصوص فيما يرتبط بالاستعدادات لاستقبال وتنظيم شئون الحجاج القادمين من كل دول العالم والذين يتحدثون بمختلف اللغات ويجتمعون في أيام معدودات وأماكن محددة. إننا – كمتابعين – كثيرا ما نغفل عن الجانب الإداري لعملية الحج بكل ما تتطلبه من استعدادات وتنظيم وتنسيق بين جهات مختلفة تهتم بالأمن والسلامة والصحة والتنقل والنظافة والارشاد وغير ذلك من متطلبات ضرورية قد لا يراها الواحد منا بارزة.
يقول التقرير أن الوزارة المعنية بالحج فيها 40 ألف موظفا، وتستعين كذلك بالآلاف من العاملين المدنيين لخدمة الحجاج الذين بلغ عدد من دخلوا مكة المكرمة خلال العشر سنوات الماضية حوالي 24 مليون شخص. الموجات البشرية التي تضم مئات الآلاف من الحجاج ينتظمون في حركة دائرية حول الكعبة في منظر مهيب لابسين ثيابا بيضاء تذوب فيها كل فروقات المذاهب والجنسيات واللغات والجندر متضرعين إلى الله بأدعية واحدة على رغم اختلاف لغاتهم. فمكة المكرمة – حسب التقرير – هي المكان الأبرز في المساواة حتى بين الجنسين في كل الشئون الحياتية والعبادية.
يفصل التقرير أيضا المشاعر الروحية للحجاج في أداء مناسكهم كالموقف في عرفات ورمي الجمرات، حيث يشعر الجميع بحالة من الوحدة والتماسك والمشاركة وعدم التفرقة أو التمييز. وعادة ما تغيب في مثل هذه الأجواء الروحانية الاهتمامات اليومية للناس من نقاشات وجدل في مواضيع معتادة، فالأدعية والتضرع إلى الله يكون الاهتمام الأكبر لهم.
يوضح التقرير أيضا التغطيات الأمنية عبر آلاف كاميرات المراقبة الموزعة في مختلف مواقع الحجيج من أجل تعزيز الرقابة الأمنية وتقديم خدمات أسرع وأفضل عند الحاجة، وكذلك ادخال التقنيات الحديثة كالمحبس الالكتروني الذي يوضع في يد الحج ومن خلاله يمكن معرفة كل معلوماته الشخصية والصحية لتسهيل تقديم خدمات له إذا لزم الأمر.
أعتقد أننا بحاجة إلى إبراز تقارير الحج بصورة تجديدية غير تقليدية من أجل تقديم صورا أفضل للخدمات المقدمة للحجاج مثلا من النواحي الأمنية والصحية وغيرها، وكذلك إبراز حالة التنوع الموجود بين الحجاج القادمين، والتقنيات الحديثة التي يتم إدخالها بصورة مستمرة ضمن خدمات الحج. فهناك قضايا كثيرة غائبة لا يكاد يلتفت إليها أحد على الرغم من أهميتها وضرورتها لتسهيل مناسك الحج، ينبغي إبرازها والتنويه بها.