يا حاديَ الأرْواح يا
حبّاً أثـــــــارَ فـــحيّرا
يا دعْوةً عبرتْ مدى..
الأزمانِ منْ أم القرى
يا قصةَ الآمالِ مُذْ
ظَعَنَ الخليلُ وغَبَّرا
يا لوعة الأُمِّ الرؤوم..
وخوْفها أنْ تُـهجَرا
يا وجْدَها، يا لـهْفَهَا،
يا صمتَ وادٍ أقفرا
يا حكمةَ الهادي الرَّحِيم..
وشأنـِهِ فِيما جَرى
يا رفَّةَ الروحِ الأَمِين..
وزمزمَ الـمُتفجرا
يا مشهداً وقفَ الزمانُ..
أَمَامَهُ مُسْتبْصرا
هو ذا الخليلُ وطاعةُ..
الرحمن فِيما قدّرا
وقَواعدُ البيتِ العتيقِ..
وما بناهُ وعَمَّرا
وأذانُهُ للكونِ لحنٌ..
خالدٌ.. شَغَل الورى
كم ذا أغَنِّي سيرةً
قعْساءَ، تقْتَطِفُ الذُرى
كم يستطيع الشعر أن
يُوفي الرؤى.. فيُعبّرا
يا منبعاً شغَل القلوب..
فَلم تَكَدْ أن تُصدِرا
نَفْسي إلى ساحِ الجمالِ..
مشوقة ... لنْ تصبرا
الحبّ يجري في دمي
نوراً يضيءُ الأحْمرا
لبيك يا حُباً ذَرَا
جمعَ الحجِيجَ وبعْثَرَا
لبيكَ يا حُباً تطيرُ..
بهِ النفوسُ مُعَنْبَرا
لله سرٌّ في المدَى
فوجٌ أتى مُتَحَدِّرا
مَلأ الفِجَاجَ هَزِيْـمُه
واشْتاقَ وَطْأتَه الثَّرى
وَأصَاخَتِ العَرَصَاتُ..
للَّهَجَاتِ جَافَاها الكَرَى
الكلُّ يَجْأَر للمَليكِ..
بأَن يَـجودَ ويَغْفرا
تَسْرِي هُنا العَبَرات..
تَسْتجْدي مِن الله القِرى
الكلُّ يُلقيْ سؤْله
مُتَخوفاً.. مُسْتبشِرا
مَا ثَـمَّ إلا لاجِئٌ
لله مِـمَّا قَصّرا
مَا ثَـمَّ إلا ضَارِعٌ
بَاكٍ يَلُمُ الـمِئْزَرَا
الأُفْقُ أَمْسَى مِن رَنِيْمِ..
الذِّكْرِ أَسْـمَى مَعْشَرا
وَفَمُ الـمَساءَ بِـما رَوَاهُ..
الـجَمْعُ بَاتَ مُعَطَّرَا
مَا ظَنُّ هذي النَّاسِ..
بِالـمَنَّانِ؟.. لو نَبَسَ المِرا
أَوَمُشْفِقُونَ عَلى الجِوار..
- جِوارِهِم - أنْ يُـخفرا؟!
أَوَمَا دَرَوْا أَنَّ الكريمَ..
أَتَى بِـهِم لِيُطَهِّرَا
أَوَمَا دَرَوْا أَنَّ قَدْ دَرَى
مَا أَعْلنُوا والـمخْبَرا
وَهُنَاكَ في الغَيْب الـمَهِيبِ..
وَحَيْثُ طَهَ بَشَّرَا
يَتَساءَلُ الرَّحمنُ في
جَـمْعِ الـمَلاكِ.. لِيَفْخَرا
هَاهُم عِبَادِي أَقْبَلوا
مِنْ كُلِّ فَجٍّ حُسّرا
قَطَعُوا الصِّعابَ لِربـهم
وَرَجَائُهُم أنْ يَنظُرا
أُشْهَدْتُّكُم أَنِّـي غَفَرْتُ..
لَـهُم ... وَلِـيْ أَنْ أَغْفِرَا
وَيُلفُّ صَمْتُ الطُّهْرِ ..
أَفْئِدَةً رِقَاقَا جَوْهَرا
وَهُنَاك يَأْتَلِقُ الـخِتَامُ،..
يَفُوحُ مسكاً أذْفَرَا
وَرَأَيت قَلْبي الشاهدَ..
المتأَمّلَ... الـمُتَحَسِّرا