قبل أن أبدأ سرد رحلتي، كان هناك تقدير إلهي في مصادفة زيارتي لحدثين مهمين في الأردن: الذكرى الخامسة والعشرين لجلوس الملك عبدالله الثاني على عرش الأردن، وولادة حفيدته. هذه الأحداث أضافت لمسة خاصة لرحلتي القصيرة والمثيرة عبر المعالم التاريخية والطبيعية المتميزة في المملكة الأردنية الهاشمية.
### قمت يوم الاثنين: بتاريخ 5/8/2024 بزيارة كهف أهل الكهف ثم اخذت جولة في عمان.
بدأت رحلتي بزيارة الطبيب الذي أجرى لي عملية تغيير الركبة خلال زيارة سابقة للأردن، لمتابعة حالتي الصحية والتأكد من نجاح العملية. بعد الاطمئنان على نتائج الفحوصات، ثم توجهت في تمام الساعة الخامسة مساءً لبدء جولتي السياحية في العاصمة الأردنية، عمان.
#### زيارة كهف أهل الكهف
كانت البداية في **كهف أهل الكهف**، المعروف أيضًا بـ "الرقيم"، والذي ذُكر في القرآن الكريم في سورة الكهف. هذا الموقع ليس مجرد موقع تاريخي؛ بل هو ذو دلالة دينية عظيمة. وفقًا لما نقله الواقدي، كان أهل الكهف سبعة فتية فروا بدينهم من طغيان حاكمهم، فاستقروا في هذا الكهف حيث ناموا لمدة ثلاثة قرون بقدرة الله. عندما وقفت أمام الكهف، شعرت برهبة المكان وعظمته، وقد أضاف الشرح المفصل من إمام المسجد، الذي تحدث باللغتين العربية والإنجليزية، عمقًا روحانيًا فريدًا لهذه الزيارة.
#### جولة في عمان: جبل القلعة والمتحف
بعد زيارة الكهف، توجهت في جولة عبر شوارع عمان، حيث استكشفت الأجواء الثقافية والمعمارية للعاصمة التي تمزج بين الأصالة والحداثة. لاحظت كيف يعكس كل ركن من أركان المدينة تاريخًا عريقًا وحاضرًا مزدهرًا. بعد ذلك، صعدت إلى **جبل القلعة**، حيث يقع **متحف جبل القلعة** وقلاعها التاريخية، ما أتاح لي فرصة للاستمتاع بمناظر بانورامية رائعة للعاصمة عمان من أعلى نقطة في المدينة.
اختتمت يومي بتجربة طعام مميزة في عمان، حيث تناولت **المنسف الأردني الأصيل**، وهو طبق يُعد رمزًا للضيافة الأردنية، يتكون من اللحم المطبوخ مع اللبن والأرز. كما استمتعت بتناول **الفلافل المحشية بالجبن أو البصل**، وهي أكلة شعبية تنبض بنكهاتها التقليدية. كان لهذه الوجبة الختامية أثر خاص، حيث أنها أضافت لمسة لذيذة لنهاية يوم مليء بالاكتشافات.
### الثلاثاء: رحلة إلى محمية عجلون
في صباح يوم الثلاثاء، الموافق 6 أغسطس 2024، توجهت لزيارة **محمية عجلون** الشهيرة. كانت تجربة رائعة حيث تجولت في **غابة البلوط** واستمتعت بالمناظر الطبيعية الخلابة والهواء النقي. شعرت بالانتعاش والهدوء، وكأنني قد انفصلت عن العالم الخارجي، مما جعلني أقدر جمال الطبيعة وأثرها العميق على النفس.
توقفت لتناول وجبة الغداء في مطعم "غابة البلوط"، حيث تذوقت أكلات أردنية شهية بجانب المشويات التقليدية. لم يكن الطعام فقط هو ما أضاف قيمة لهذه التجربة، بل كان هناك مجمع خدمات لوجستية بجانب المطعم يتضمن محلات تعرض منتجات محلية مثل البسكويت المصنوع يدويًا والصابون الأردني الطبيعي. كان لكل منتج قصة تروى بين طياته، ما أضفى لمسة تراثية ساحرة على الزيارة.
### سوق البخارية التاريخي
بعد قضاء يوم رائع في عجلون، عدت إلى عمان في المساء وقررت زيارة **سوق البخارية**، وهو أحد الأسواق التاريخية في عمان. عندما دخلت السوق، شعرت وكأنني أعود بالزمن إلى الوراء، حيث امتلأ السوق بالحرفيين والبائعين الذين يعرضون منتجاتهم التراثية واليدوية. هنا، اشتريت بعض الهدايا التذكارية لأحبتي، ما جعلني أشعر بأنني أحمل جزءًا من هذا التراث الغني معي.
### تداعيات حرب غزة
ورغم أن الأمن سائد والحياة الاجتماعية في الأردن طبيعية، إلا أن تأثيرات حرب غزة لم تَخْفَ عن المشهد. ظهر ذلك من خلال استعدادات المجتمع لأي تغيرات محتملة، حيث تميزت صلاة الفجر وصلاة المغرب بدعاء القنوت لأهل غزة، والدعاء بأن يحفظ الله الأردن وأهلها. كما حث أئمة المساجد على الصبر والاتعاظ بأحوال الأمم السابقة، وعدم الانسياق وراء الشائعات.
في النهاية، كانت رحلتي إلى الأردن مليئة بالتاريخ والطبيعة، مما ترك لديّ ذكريات لا تُنسى عن هذا البلد الغني بالتنوع والجمال.
**الكاتب: عبدالله عبدالهادي**