تاريخ من عدم الأمان لماذا يخاف الناس من اللقاحات؟
الكاتب / ابراهيم أحمد آل الفقهاء
ارتبطت اللقاحات بمشاعر سلبية كونها شر لا بد منه فرض وجودها تفشي الأوبئة المميتة علاوة على ضآلة دورها الفعال في القضاء على تلك الأوبئة لاسيما تلك التنائج المخيبة للآمال أو تلك التي كانت سببا للوفاة أو كانت سبب أمراض أخرى تطلبت علاجا قد يكون أصعب من الوباء نفسه في عصور مضت.
هذه النظرة السوداوية تقودنا إلى سؤال مفاده ماهو سبب هذا الشعور العام السلبي السائد لدى المجتمع تجاه اللقاحات الوقائية؟
قد يكون ارتداء ثوب الماضوية الرث تاريخيا أحد أهم أسباب انعدام الوثوقية في فعالية هذه اللقاحات ناهيك عن الذهنية العلمية التي تفضي إلى أن المضاعفات الجانبية لأي لقاح هي حقيقة واردة لا سيما في تلك اللقاحات الجديدة والتي لم تأخذ وقتها الكافي من التجريب والتأكد من خلوها أو على أقل تقدير ملامسة الحد الادنى لتلك المضاعفات.
كذلك طريقة فرضها القسري على المجتمع مما جعلها مكروهة على مستوى كل فئات المجتمع كما حدث في عهد الخمسينات ولقاحات الجدري في الولايات المتحدة الأمريكية. ولا أدل على ذلك من تلك الممارسات التعسفية التي كانت تمارس ضد الأقليات المستهدفة بالتطعيم تحت قوة السلاح وهو ما مورس على الأمريكيين الأفارقة في أوائل القرن العشرين. وفي نيويورك كانت حملات التطعيم لعائلات المهاجرين ضد الجدري عام 1901م تتم من خلال اقتحام منازلهم بعد منتصف الليل وتفريق الآباء عن الأبناء وتطعيم أكبر عدد ممكن.
فإذا كانت هذه الصورة قاتمة في بلد الشفافية فما بالك في تلك المجتمعات البدائية والنامية التي لا يرتقي وعيها الحد الذي يمكنها من تمييز أقل الأضرار إن لم يجد هناك مكسب ملموس.
وهنا يبرز دور الإعلام التثقيفي في بيان خطر هذا الفيروس (كورونا) وأنه فيروس مشتق من فئة أكثر مقاومة من الفيروسات وتكاد تكون مقاومة البشر ضده قليلة إن لم تكن معدومة، ولذلك فإن استمرار انتشاره حتى بعد أخذ اللقاح مؤشرا يفرض ضرورة أخذه.
وكذلك يجب على الجهات ذات الاختصاص تأكيد أننا في ورشة عمل عنوانها معركة من اجل الحياة وهنا لا بد من التعلق بقشة تجريب هذا اللقاح من مبدأ إن لم ينفع لن يضر.
ولأنه من الصعب تغيير الاعتقاد السائد لا سيما إذا ارتبط بحقائق سابقة سلبية ولذلك وجب المحاولة لكسب القناعات لتقبل الوضع الراهن ويتأتي ذلك من خلال:
نيل الثقة من حيث بلد التصنيع لهذا اللقاح وتجربته على عدد كافي من المستهدفين وخلوه أو شبه خلوه من الأعراض الجانبية وأن يكون جرعة واحدة.
ويبقى الفيصل في هذا الأمر هو الإدارك الواعي بحجم هذا الخطر والموازنة بين جميع الجوانب والخروج بأقل الخسائر إن يكن هناك مكسب.
ولعلي أرفع العقال شكرا وعرفانا واحتراما لسمو ولي العهد الذي بدأ بنفسه وأخذ هذا اللقاح كقدوة لشعبه وتبعه في هذه السنة الحسنة عدد من الأمراء والوزراء.
فأقول لهم شكرا والشكر في حقكم قليل مع دعواتي الصادقة أن يجنبنا الله شر هذه الجائحة ويعم الأمن والأمان سائر بقاع المعمورة وأن يلبسها ثوب الصحة والعافية والسلامة.