اغتيال برئ
الكاتب / مبارك محمد القحطاني
الحالة مستعصية والجسم متعب والسهر والتفكير قضى على باقي الأحلام التي كان يحلم بها في سنوات عمره وبات حلمه الوردي الذى يتبناه وينميه طوال حياته وأصبح يتلاشى مع الأيام ومع غربة المكان التي أجبر عليها بالقوة الجبرية وأصبح وحيدا الا من قلمه وأفكاره التي يسطرها على الأوراق لتبقى خالدة مع الزمن ولكن هيهات أن يترك هكذا بل ضيق عليه الخناق لكي يستفزون مشاعره لعلها تخرج مكنون المشاعر والأحاسيس المختبئة في زوايا القلب والعقل فأخذت منه جميع مذكراته التي كتبها بين جدران سجنه وعصارة فكره وتركوه يبحث لاهثا عن من يساعده بإعاده هذه المذكرات والذكريات الأليمة التي زخرت بها هذه الأوراق وتتسرب بعض الوريقات إلى الخارج لبعض معارفه والتي كانت في أيدي أمينة جمعت له حتى يخرج ولكن المشاعر المتأججة في جوفه وفكره أبت إلا أن تخرج أخيرا للعلن ولم يكن بها ما كان يتمناه سجانوه من معلومات تفيدهم ولكن أصبح بالي الفكر والجسم الذى أنهكته الليالي الكئيبة والأيام الصعبة ومع التعذيب النفسي والجسدي لم يخرج منه كلمة واحدة تدينه وتصبح أداة في يد سجانه لكي يرفل في السجن سنينا طويلة فكانت عقبة أمام المحققين الذين خارت قواهم في أنتزاع اعتراف يدين هذا المتهم (أبراهيم ) بقتل زوجته التي يحبها ويعشق تراب رجليها ولكن عندما رجع أبراهيم قافلا إلى منزله ليلا بعد أن أنهى بعض مشاغله التي أخذت منه وقتا أطول مما ينبغي وعند دخوله إلى شقته وجد المنظر الذى أرعبه وأخذ بلب عقله فحبيبة الروح ملقاة على الأرض مضرجتة بدمائها والسكين مغروسة في جسدها فأنتزع السكين من جسدها من دون وعي وألقاها على الأرض ليضم جسد محبوبته إلا والشرطة تدخل عليه لتجده على هذه الهيئة واقتُيد إلى مركز الشرطة وتم تحريز أداة الجريمة وأخذت بصماته للمطابقة مع البصمات التي على السكين فطلعت بصماته وحاول عبثا أن يفسر لهم ما حصل ولكن كانت الأدلة ضده ولم يكن لديه مكان معين يثبت به وجوده فيه وقت الجريمة أو شخص كان معه يساعده ليبرهن لهم وقت الجريمة ولكن رُفعت الأقلام وجفت الصحف وأصبح في حالة من الأعياء والتعب النفسي الذى تعرض له من التعذيب وأصبح هزيل الجسم وتلاشت الآمال التي كان يعقدها على أن يعرف أحدا يساعده بدليل مادي يقنع به المحققين و لكن تبخرت كل هذه الأمنيات مع شدة التعذيب والذى يرافقه منع الدواء وقلة الغذاء ولم يعطَ دواء السكر الذى بدأ يتضخم مع الوقت وطول فترة بقاءه في السجن وتأتي المفاجأة صبيحة يوم كئيب ران الصمت على السجن والكل يصرخ ماذا حدث لقد مات المتهم أبراهيم تحت التعذيب على جريمة لم يقترفها ويسلم جثمانه إلى أقاربه لدفنه وكانت أوراقه التي تسربت من السجن مع أحد السجانين المتعاطف معه وصلت إلى صديقه وعند دفنه لصديقه مع هول المفاجأة طارت الأوراق من يديه في مهب الريح وضاعت الكلمات مع اغتيال صاحبها وتشاء الصدف أن يمسك أحد الأشخاص في حادثة سرقة بروش ثمين قد أشتراه أبراهيم من محل صائغ ويعرف صاحبه ولما اراد هذا السارق بيعه عرف الصائغ أن هذا البروش يعود لإبراهيم البريء الذى قُتل في السجن وأبلغ عنه صاحب المحل وجاءت الشرطة وأمسكت بهذا السارق وتحت ضغط التحقيق أعترف بأنه أخذه من بيت أبراهيم وعندما رأته صاحبة البيت وبدون تردد طعنها في صدرها وأخذ يراقب دخول زوجها ولما ولج إلي شقته أتصل على الشرطة مبلغا عن جريمة قتل وهذا ما حدث فلقد قتل أبراهيم بجرم لم يرتكبه واُغتيلت معه كلماته التي صاغها على الأوراق فذهب دمه هدرا وكلماته ذهبت مع الريح .