أبحرت ببحر من الماضي
وكنت أنا المدّعي والقاضي
وغصت في ذاك الزمان
أستذكر سطور النسيان
فمررت على أوتار روحي
على صدعٍ تصدّر جروحي
على كسرٍ كان بي جبّاراً عصيّا
ولست ابنة سوءٍ ولا امي بغيّا
صديقة اعتبرتها نفسي
وكانت صوتي وهمسي
وتفكيري وضميري والحواس
ودليلي وخليلي والإحساس
أتحدّث عن امرأة شاركتني
بأهاليلي والأهازيج عانقتني
ووضعتُ فيها سري وهمّي
أختي هي وصديقتي وأمّي
فما حسبت معها الحسابات
وسقطت بيننا كل المقامات
وكانت مقام الملهمة الصادقة
وباقة ترتابني بالورود العابقة
وأنا بأيام عزّي والعطاء
وبيننا خبزٌ وملحٌ وماء
إلى أن جارت عليّ الأيام
قسوة عظمى كأنه المنام
وأصبح الكون ظلام حالك
وتدافعت عليَّ كل المهالك
ظننتها تكون حينها السّند
والعون والمرتجى والمدد
فكانت على الأشهاد الصدمة
أدنى درجات العطف والرحمة
تركتني في أصعب لحظاتي
وزادت بحقدها رعب آهاتي
وخانت كل مواقف الوفاء
أحرزت أول مراتب الشقاء
حيث كنتُ أحتاج لدفئ صدرْ
حَفَرت أعز صديقاتي لي القبرْ
ويا ليتها تركت الزمان يحاسبني
بحدّ سيفها الغادر أخذت تراودني
بأكاذيبها بأساليبها والخيانة
بأضاليلٍ وذمٍّ ليس له ديانة
بأوصاف غريبة ما عرفتها
بأمورٍ من قبل ما سمعتها
وتركتني أنزف وترميني
بغدرها وبحقدها تكويني
وأنا وكّلتُ رب السماوات
وما للرسل من الكرامات
فأكرمني الله وأينَعَت قدمايْ
وأثمرت روحي وابيضّت يدايْ
ووقفت هنا شامخة بجبيني
فأنا الوفاء والإخلاص ديني
وأتت تلك الخائنة من جديد
جاءت تعكّر الترانيم والعيد
تظنني أعانق منها الروح
ورائحة القبح منها تفوح
لا تعودي وغدرك فيي اندفق
إليكِ عنّي فسيف العدل سبق
اتركيني تدمع من فعلكِ المقلتين
فالعاقل لا يُلدغ من جحرٍ مرتين
للشاعرة رنا رسلان