عندما نسمع نحن الغير مصريين أو حتى غير العرب عن سيناء
يتبادر الى ذهننا العراقة والأصالة ، التاريخ والتراث
الفطرة والبداوة ، الصحراء والجِمال ، الخيام والجبال ،الشاطيء والرمل ، البحر والقمر .
وعلى ذكر القمر
فكلنا لنا قمر واحد من مشارق الأرض الى مغاربها
الا سيناء!
فلديها قمر خاص بها تتميز به ويتميز بها بل ويمثلها!
إنه "قمر سيناء"
نعم هو قمرها !
وإني أستميح القراء في ذكر رحلتي الشخصية
وإني أصر على أنها رحلة وليست تجربة رغم قلة أيامها
فعندما قررت قضاء اجازة خاطفة بمناسبة زواجي ، اجازة مريحة وهادئة ، بعيداً عن ضوضاء مدينتي بل والضوضاء القلِق الذي بداخلي .
أول ماتبادر الى ذهني هو
ملجأ !
يصبح هو مهربي وملاذي غير البحر في مدينتي!
فاستعنت بمحرك البحث السياحي الشهير
ووجدت كل مافي سيناء و"شرم الشيخ" تحديداً ، متشابه!
الرفاهية و الصخب!
و أخذت اتفقد وأبحث كل مافي ذلك الموقع بتمرد وبإحساس الناقد !
وملل المغامر !
فلم يشدني سوى مكان واحد !
"قمر سيناء"
قباب و أقواس
حجر طيني ونخل!
مزرعة وحيوانات !
نوافذ خشبية وشُرفات طينية تحكي عن عصر من العصور وزمن من الأزمان لأناسٍٍ سطروا التاريخ بأيديهم و ليس فقط بالكتابة ! وإنما بتراثٍ معماري ، يخبر عن ذائقة رفيعة وطبيعة فطرية في البناء!
راحةٌ عجيبة!
فالقباب بالغرف والمباني طاردة للطاقة السلبية!
دهاليز وأزقة محفزة للإكتشاف ، ولن ... تكتشفها !
تمازج الألوان في الطوب والخشب مع الحجر والنخل
يخلق لبصرك راحة مذهلة
كيف لا
ونحن نعاني من التلوث البصري والتكلف الممزوج بالكبر
ككٍبر ابليس والفرق بين الكبرين
كٍبره .. أخرجه من جنة السماء!
وكبرنا .. أخرجنا من جنة الأرض!
وجنة الأرض "الطبيعة"
حُرمنا منها بالمدنية الزائفة!
لحتى أضحينا غرباء عن أنفسنا وذواتنا!
ومالسياحة بالحقيقة إلا هرب منا ،، إلينا.
والهرب الى النفس هو بالحقيقة .. عودة إليها !
فقدناها وحان الوقت لإستعادتها .
و قد أستعدتها !
نعم !
هنا !
في قمر سيناء ، عدت الى نفسي ، الى فطريتي النقية
و شعور في داخلي .. بعودة المفقود !
عاد اليّ الإنسجام والتوازن ورغبة السلام الداخلي الذي أبحث عنه!
بل و عودة محملة بالذكريات، عائلة أخرى ، وقيم معرفية ثمينة وأصيلة قد لا تعيشها في رحلة أخرى ، ولا تسمعها أو تراها كأمكنة محيرة لم تكن في مخيلتك فوجدتها برأي العين الحاسمة المجردة !
فاطمة عيسى
كاتبة سعودية وناقدة ساخرة